المياه الملوثة تؤثر على التناسل وقد تسبب سرطان الثدي
********
تزداد باستمرار كمية المواد الاصطناعية والهرمونات الملوِّثة للمياه، وهذه المواد تؤثر بشكل سلبي على الكثير من وظائف الحياة كالنمو والتكاثر لدى الكائنات الحية، بما فيها الإنسان. وهو خطر يهددنا، لكننا لا ندرك مدى خطورته بعد.
عملية النمو الاقتصادي والتقدم والتحضر، بقدر مالها من ايجابيات لها أيضا آثار خطيرة على التوازن المائي للكوكب الأزرق، خاصة وأن نحو خمسة مليارات إنسان سيعيشون في المدن في عام 2050. هؤلاء سيحتاجون إلى تزويدهم بالماء وتخليصهم من المياه العادمة التي ينتجونها وإلى حمايتهم من مسببات الأمراض.
وقد أدت عمليات التسميد المكثفة في الزراعة، إلى ازدهار الطحالب وتكاثرها بشكل ملحوظ، لأن جزءا من الأسمدة يصل إلى الأنهار والبحار. أما المخاطر الأكبر فتكمن في الخفاء: فمياهنا باتت ملوثة بالمواد الاصطناعية التي تؤثر على الوظائف الحيوية كالتناسل، وهو التهديد الذي مازال غير مفهوم حقا بسبب تعقيده. هذه المخاطر موجودة في المبيدات الحشرية والأدوية والمذيبات – أي المواد الكيميائية المستعملة للتنظيف مثلا - وهي مواد سامة تهاجم نظام الهرمونات في الجسم، واسمها العلمي هو Xenobiotika.
وقد عثر الباحثون على هذه المواد السامة في الأسماك والنسور البحرية والدببة القطبية. لهذا، تشبّه الباحثة السويدية، مالين فالكينمارك، خطر هذه المواد بالقنبلة الموقوتة وتقول:"تعتبر هذه المواد مشكلة جدية لنا وللأجيال القادمة، لأنها تؤثر على التناسل لدينا، وإذا أردنا مواجهة هذا التهديد، يتوجب علينا البحث عن مصدر التلوث، فإذا وصلت هذه المواد إلى المياه فإنها تتحلل وتنتشر في العالم كله، لأن الماء موجود في كل مكان".
هرمون الاستروجين يُضعف الحيوانات المنوية
أحد الأمثلة على ذلك هو هرمون الإستروجين، والذي تنتجه أجسامنا وتتخلص منه بشكل طبيعي حين نزور المرحاض، لكن حبوب منع الحمل تحتوي على نوع اصطناعي من هذا الهرمون، وتتخلص أجسام النساء منه أيضا كما تتخلص من الهرمون الطبيعي. كذلك قد تحتوي المواد الكيميائية المستخدمة في الصناعة على مواد لها تأثير على نظام الهرمونات لدى البشر والكائنات الحية، وهذه المواد تصل إلى المياه ومنها إلى الدورة الغذائية للإنسان، كما تقول باتريشيا هولم من جامعة بازل السويسرية "لأن لهذه المواد نفس مفعول الهرمونات، فإن جزيئا واحدا منها يكفي في نهاية الأمر، للتواصل مع هرمونات الجسم والتأثير عليها. لذلك فإن الهرمونات التي نلقي بها نحن البشر في الأنهار والبحار، تؤثر على الأسماك والبرمائيات والفقاريات التي تعيش في الماء، تماما كما تؤثر على نظام الهرمونات البشري".
لكن الأبحاث العلمية في هذا الحقل مازالت في بداياتها، وآراء العلماء تتباين حول أثر الهرمونات الاصطناعية على الإنسان. وباتريشيا هولم من العلماء الذين يعتقدون بتأثيرها القوي على البشر: "لقد ثبت لنا، حصول تراجع حاد في عدد الحيوانات المنوية في بلدان كثيرة خلال السنوات الخمسين الماضية، وفي بعض الدول وصل التراجع إلى 50 بالمائة. وأما بالنسبة للنساء، فنلاحظ زيادة حالات الإصابة بسرطان الثدي". وتضيف باتريشيا هولم بأن تجارب المختبر على الجرذان أثبتت زيادة احتمال إصابتها بأورام سرطانية، تشبه إلى حد بعيد أورام سرطان الثدي.
السموم التي نلقيها في الماء تعود إلينا
لذلك تطالب باتريشيا هولم بنقاش هذا الأمر على مستوى المجتمع، بحيث لا تقتصر النقاشات على علماء الأحياء والكيمياء فقط، وإنما يشارك فيها السياسيون والخبراء القانونيون. كما تدعو المستهلكين إلى أن يسألوا أنفسهم عن المواد التي يستعملونها ومدى ضرورتها حقا. وفي هذا السياق تشير إلى وجود 30 ألف نوع من الأدوية المرخصة في الاتحاد الأوروبي، وهذا العدد يزداد يوما عن يوم.
وتشير الإحصائيات إلى أن ثلث الأدوية التي يشتريها الألمان يلقى بها في المرحاض، بدون حتى التفكير في عواقب هذا السلوك، الذي يؤدي إلى تلويث المياه بالهرمونات. لذا تدعو خبيرة المياه الألمانية، كلاوديا كاستل – إكسنر، إلى توعية المواطنين بمخاطر هذا السلوك "لو أخذنا الأدوية كمثال، في السبعينات كان معروفا أن الأدوية التي لا تستعمل لا يتم إلقاؤها في المرحاض، بل يتم إرجاعها إلى الصيدلية. لكن هذا القانون تغير في السنة الماضية، بحجة رفض الصيدليات استلام الأدوية التي اشتراها أصحابها عبر الانترنت".
طبعا تستطيع التحاليل العلمية الحديثة الكشف عن وجود معظم هذه المواد الضارة في المياه، لكن الخبراء يتفقون على أنه من الأفضل عدم السماح بوصولها إلى المياه مقدما، لأن وصول المواد الضارة إلى المياه يعني، عاجلا أم آجلا، عودتها إلينا عبر مياه الشرب أو الأغذية التي نتناولها.
آغنيس بورينغ/ عبد الرحمن عثمان
مراجعة: عبده جميل المخلافي
دوتش فيله
تزداد باستمرار كمية المواد الاصطناعية والهرمونات الملوِّثة للمياه، وهذه المواد تؤثر بشكل سلبي على الكثير من وظائف الحياة كالنمو والتكاثر لدى الكائنات الحية، بما فيها الإنسان. وهو خطر يهددنا، لكننا لا ندرك مدى خطورته بعد.
عملية النمو الاقتصادي والتقدم والتحضر، بقدر مالها من ايجابيات لها أيضا آثار خطيرة على التوازن المائي للكوكب الأزرق، خاصة وأن نحو خمسة مليارات إنسان سيعيشون في المدن في عام 2050. هؤلاء سيحتاجون إلى تزويدهم بالماء وتخليصهم من المياه العادمة التي ينتجونها وإلى حمايتهم من مسببات الأمراض.
وقد أدت عمليات التسميد المكثفة في الزراعة، إلى ازدهار الطحالب وتكاثرها بشكل ملحوظ، لأن جزءا من الأسمدة يصل إلى الأنهار والبحار. أما المخاطر الأكبر فتكمن في الخفاء: فمياهنا باتت ملوثة بالمواد الاصطناعية التي تؤثر على الوظائف الحيوية كالتناسل، وهو التهديد الذي مازال غير مفهوم حقا بسبب تعقيده. هذه المخاطر موجودة في المبيدات الحشرية والأدوية والمذيبات – أي المواد الكيميائية المستعملة للتنظيف مثلا - وهي مواد سامة تهاجم نظام الهرمونات في الجسم، واسمها العلمي هو Xenobiotika.
وقد عثر الباحثون على هذه المواد السامة في الأسماك والنسور البحرية والدببة القطبية. لهذا، تشبّه الباحثة السويدية، مالين فالكينمارك، خطر هذه المواد بالقنبلة الموقوتة وتقول:"تعتبر هذه المواد مشكلة جدية لنا وللأجيال القادمة، لأنها تؤثر على التناسل لدينا، وإذا أردنا مواجهة هذا التهديد، يتوجب علينا البحث عن مصدر التلوث، فإذا وصلت هذه المواد إلى المياه فإنها تتحلل وتنتشر في العالم كله، لأن الماء موجود في كل مكان".
هرمون الاستروجين يُضعف الحيوانات المنوية
أحد الأمثلة على ذلك هو هرمون الإستروجين، والذي تنتجه أجسامنا وتتخلص منه بشكل طبيعي حين نزور المرحاض، لكن حبوب منع الحمل تحتوي على نوع اصطناعي من هذا الهرمون، وتتخلص أجسام النساء منه أيضا كما تتخلص من الهرمون الطبيعي. كذلك قد تحتوي المواد الكيميائية المستخدمة في الصناعة على مواد لها تأثير على نظام الهرمونات لدى البشر والكائنات الحية، وهذه المواد تصل إلى المياه ومنها إلى الدورة الغذائية للإنسان، كما تقول باتريشيا هولم من جامعة بازل السويسرية "لأن لهذه المواد نفس مفعول الهرمونات، فإن جزيئا واحدا منها يكفي في نهاية الأمر، للتواصل مع هرمونات الجسم والتأثير عليها. لذلك فإن الهرمونات التي نلقي بها نحن البشر في الأنهار والبحار، تؤثر على الأسماك والبرمائيات والفقاريات التي تعيش في الماء، تماما كما تؤثر على نظام الهرمونات البشري".
لكن الأبحاث العلمية في هذا الحقل مازالت في بداياتها، وآراء العلماء تتباين حول أثر الهرمونات الاصطناعية على الإنسان. وباتريشيا هولم من العلماء الذين يعتقدون بتأثيرها القوي على البشر: "لقد ثبت لنا، حصول تراجع حاد في عدد الحيوانات المنوية في بلدان كثيرة خلال السنوات الخمسين الماضية، وفي بعض الدول وصل التراجع إلى 50 بالمائة. وأما بالنسبة للنساء، فنلاحظ زيادة حالات الإصابة بسرطان الثدي". وتضيف باتريشيا هولم بأن تجارب المختبر على الجرذان أثبتت زيادة احتمال إصابتها بأورام سرطانية، تشبه إلى حد بعيد أورام سرطان الثدي.
السموم التي نلقيها في الماء تعود إلينا
لذلك تطالب باتريشيا هولم بنقاش هذا الأمر على مستوى المجتمع، بحيث لا تقتصر النقاشات على علماء الأحياء والكيمياء فقط، وإنما يشارك فيها السياسيون والخبراء القانونيون. كما تدعو المستهلكين إلى أن يسألوا أنفسهم عن المواد التي يستعملونها ومدى ضرورتها حقا. وفي هذا السياق تشير إلى وجود 30 ألف نوع من الأدوية المرخصة في الاتحاد الأوروبي، وهذا العدد يزداد يوما عن يوم.
وتشير الإحصائيات إلى أن ثلث الأدوية التي يشتريها الألمان يلقى بها في المرحاض، بدون حتى التفكير في عواقب هذا السلوك، الذي يؤدي إلى تلويث المياه بالهرمونات. لذا تدعو خبيرة المياه الألمانية، كلاوديا كاستل – إكسنر، إلى توعية المواطنين بمخاطر هذا السلوك "لو أخذنا الأدوية كمثال، في السبعينات كان معروفا أن الأدوية التي لا تستعمل لا يتم إلقاؤها في المرحاض، بل يتم إرجاعها إلى الصيدلية. لكن هذا القانون تغير في السنة الماضية، بحجة رفض الصيدليات استلام الأدوية التي اشتراها أصحابها عبر الانترنت".
طبعا تستطيع التحاليل العلمية الحديثة الكشف عن وجود معظم هذه المواد الضارة في المياه، لكن الخبراء يتفقون على أنه من الأفضل عدم السماح بوصولها إلى المياه مقدما، لأن وصول المواد الضارة إلى المياه يعني، عاجلا أم آجلا، عودتها إلينا عبر مياه الشرب أو الأغذية التي نتناولها.
آغنيس بورينغ/ عبد الرحمن عثمان
مراجعة: عبده جميل المخلافي
دوتش فيله
0 علق على الموضوع:
إرسال تعليق