انضم للحقيقةالمصرية‏ عالفيسبوك

"الحقيقة المصرية" تسقط في فخ الملاحقات القانونية

مدونة الحقيقة المصرية

في سابقة هي الأولي من نوعها أقامت شركة "تراست" للكيماويات دعوى قضائية تتهم فيها المدون "تامر مبروك" صاحب مدونة "الحقيقة المصرية" بالسب والقذف ونشر أخبار كاذبة، إثر نشره معلومات عن المخالفات البيئية التي ترتكبها الشركة في بورسعيد، ما أثار مخاوف داخل الأوساط الحقوقية من تضييق الخناق علي المدونين وهبوط هامش حرية التدوين، في الوقت الذي أصبحت فيه المدونات أقوي وأكثر فاعلية من وسائل الإعلام الأخري التي تتبع سياسات تحريرية معينة، والتي يمكن التأثير عليها من أجل تحويل مسارها تجاه إحدي القضايا .

محيط ـ هبة عسكر

كان مسئولو شركة "تراست" قد أعلنوا أن المعلومات التي نشرتها المدونة عارية من الصحة وتروج لشائعات بهدف الابتزاز، بينما أعلن "مبروك" أن جميع المعلومات التي تم نشرها حقيقية، ومدعمة بمستندات من وزارة البيئة والأمن الصناعي والقوي العاملة، كما أعلن عن امتلاكه مستندات وشرائط فيديو جديدة سوف يوجهها للمحكمة أثناء نظر الدعوى التي تأجلت الى 23 يونيو الجاري، وأبدى استعداده لنشرها علي أي قناة فضائية تسمح بذلك.

في لقاء معه بعد فصله من العمل بالشركة يقول صاحب المدونه: قمت برفع قضية مضادة علي الشركة بسبب الفصل التعسفي عقب نشري هذه المخالفات، طالبت فيها الشركة بتعويض قدره 10 آلاف جنيه، وقد حاولت الشركة مساومتي ورشوتي عن طريق الاعتذار وتقديم تكذيب لكل ما نشر مقابل إعادتي للعمل وتعويضي عن الثلاث شهورالتي طردت خلالها.

ويوضح مبروك أن الاتهامات تتركز في إلقاء الشركة للمخلفات في مياه بحيرة المنزلة، مما يؤثر بدوره على قناة السويس في ظل عدم وجود مسافة بين الشركة والمجري الملاحي سوي3 أمتار فقط ، وكذلك إلقاء النفايات علي الأرض فضلا عن عدم وجود وسائل الأمن الصناعي، وطرد معظم العمالة المصرية واستبدالها بالعمالة الأجنبية، إلي جانب ظروف العمل القاسية التي يعاني منها العمال، والتي كانت سببا في قيامهم باعتصام يطالبون فيه بوقف حالات الفصل وحصولهم علي نسخ عقود عملهم بالشركة وغيرها من المخالفات الأخرى.

تضامن حقوقي

وقد أصدرت الشبكة العربية للمعلومات وجمعية مساواة حقوق الإنسان ببورسعيد بيانا مشتركا للتضامن مع المدون، جاء فيه أن ملف القضية التي رفعتها شركة "تراست للكيمياويات" ضد تامر مبروك يخلو من أي كلمات أو تعبيرات يمكن تفسيرها بالسب والقذف، حتى أن صور الموضوعات التي أرفقتها الشركة كمستندات في القضية ليس بها سوي مقالات تتضمن التعدي علي حقوق العمال، فضلا عن مجموعه من الصور تظهر بوضوح كيف تلقي الشركة بالمخلفات الكيماوية في بحيرة المنزلة مما يهدد بكارثة في بورسعيد.

وأكد البيان أن الدعوى القضائية تهدف لإسكات الأصوات التي تكشف جريمة العبث بصحة الملايين من مواطني مصر، وأن العام الماضي شهد تنامي ظاهرة الاحتجاز غير القانوني للعديد من نشطاء الإنترنت والمدونين الإلكترونيين، وأن نسبة أعدادهم في قوائم المقبوض عليهم أو المختطفين من قبل قوات الأمن كانت دائما كبيرة بما يجعلها ظاهرة تستحق الرصد والتوثيق.

وذكرت المنظمة أن المدونين عادة ما يتم إلقاء القبض عليهم أو يجري اختطافهم على يد قوات أمنية ترتدي ثياب مدنية أثناء تغطيتهم أو مشاركتهم لفعاليات معينة أو تظاهرات سياسية، أو أثناء تغطية بعض المحاكمات كالمحاكمات العسكرية للإخوان. كذلك ليس صحيحا أن المدونين من شباب جماعة الإخوان يتم اعتقالهم أو التنكيل بهم أمنيا بسبب انتمائهم لـ "جماعة محظورة"، فالأرجح أنه يتم استهدافهم أمنيا بالتحديد لكونهم مدونين وإن كان يتم تبرير احتجازهم بتهم جاهزة من نوعية الانضمام إلى جماعة محظورة وتوزيع منشورات وغيرها من تهم ليس بينها تهمة "التدوين" ربما فقط لأنه لم يرد نص في قانون الطوارئ يجرم "التدوين" في حد ذاته.

ملاحقة قضائية

المدون تامر مبروك
من جانبه، يوضح جمال عيد المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان أن الدعوى القضائية تعد الأولي من نوعها لأنها مرفوعة ضد مدون من شخصية اعتبارية، بالإضافة إلي أنها تتصدي لقضية بيئية وليست سياسية، مشددا علي ضرورة وجود جبهة حقوقية وقانونية من أجل إغلاق الباب أمام الانتقام من المدونين وتضييق الخناق عليهم .

ويتوقع "عيد" أن تكون تلك القضية حجر الزاوية في تفجير القضايا من هذا النوع، فإما أن تؤدي إلي إغلاق ملف ملاحقة المدونين قضائيا أو تجدها بعض الشركات أو الجهات الحكومية مبررا لتضييق الخناق علي المدونين، مؤكدا أن ما ذكره مبروك في مدونته يخلو تماما من السب والقذف، ويفتح ملفا مسكوتا عنه حول المخالفات البيئية لشركة "تراست للكيماويات" في بورسعيد وتم تدعيمه بالمستندات والتقارير، وهو ما يقتضي البحث في تلك الأدلة ومناقشتها بدلا من ملاحقة المدونين قضائيا.

حصار إعلامي

يعتبر الدكتور فوزي عبد الغنى الأستاذ بقسم الإعلام بكلية الآداب - جامعة جنوب الوادي أن تلك القضية تمثل حلقة جديدة من مطاردة المدونين، مشيرا إلي أن تامر مبروك أثار قضية تلوث في بورسعيد لا تقل خطورة عن قضية أجريوم في دمياط .

ويؤكد أن المدونات بمثابة تعبير رمزي عن الوضع المتردي الذي نعيش فيه، ومحاولة لكسر الحصار الإعلامي الواقع على المواطنين والمتمثل في وسائل الإعلام الرسمية لأنها لا تلتزم بالشكليات والسياسات التحريرية، وأن شبكة الإنترنت أتاحت مساحة كبيرة من الحرية، خاصة لمن يفتقدون التعبير عبر وسائل الإعلام من المواطنين البسطاء الذين يشعرون بالقهر في أعمالهم، وكذلك يرون المخالفات أمام أعينهم ولا يجدون الوسيلة المناسبة للتعبير عن ذلك فكانت المدونات المنقذ لهم .

أما عن السبب في مطاردة المدونين في مصر.. فيوضح أن المدونات نشأت في ظل مناخ معارض ورافض لشتى أنواع الظلم والفساد وتقاعس خطوات الإصلاح، فنشأت المدونات رافضة لكثير من الأمور المسكوت عنها، كل ذلك خلق نوعا من التخوف ضد المدونين، وهو ما أدى إلى خلق صوت أعلى عبر المدونات، ومن هنا بدأ الإقبال والتفاعل الإنساني معها حتى استطاعت أن تفرض نفسها كوسيلة إعلامية بالفعل، حيث تتوافر فيها كل مواصفات وسائل الأعلام بل وأصبحت اقوي وأكثر في التأثير من بعض الوسائل المعترف بها، مشيرا إلي أن ما ينقص المدونين ضرورة التأهيل الإعلامي من خلال تنظيم دورات إعلامية في طرق ووسائل الكتابة الصحفية الصحيحة، وذلك بالتعاون مع نقابة الصحفيين وإنشاء اتحاد للمدونين لمعالجة مشاكلهم ووضع ميثاق شرف مهني شبيه بميثاق الشرف الصحفي لينظم الأمور أكثر مما هو حادث الآن.

سلاح ذو حدين

يقول الدكتور إبراهيم نوار رئيس المنظمة العربية لحرية الصحافة في تصريح سابق أن قانون المطبوعات المصري لا يشمل المدونين، فهؤلاء يخضعون لقانون العقوبات العادي وبالتالي لا يمكن اعتبار المدونات وسيلة إعلام من الناحية القانونية،وأنها أصبحت سلاحا ذو حدين يمكن أن يستخدم في عمل بناء ويمكن أن يستخدم في اتجاه هدام، فنحن نري مدونات تستخدم لغة هابطة جدا هدفها الأساسي تجريح واتهام شخصيات معينة، إذ ليس هناك أي نوع من أنواع التنظيم الذي يضع قواعد لاستخدام الإنترنت في النشر الالكتروني بشكل عام سواء بالنسبة للمدونات أو المواقع الالكترونية، كما أن هناك أجهزة حكومية تستخدم مدونين ضد معارضيها، وهناك مدونات تهدف إلي هدف نبيل مثل مكافحة الفساد أو أن يكون لها هدف ثقافي أو اجتماعي أو تربوي.

ويشير د. " نوار" إلى أن هناك اتجاهين لتنظيم عمل المدونات. الأول تسعى إليه الحكومات العربية، خصوصا وزراء الإعلام ووزراء الداخلية العرب، الذين يخططون لوضع نوع من التنظيم تخضع من خلاله المدونات لقوانين العقوبات التي ليس لها ولاية قانونية عليها أصلا.

المدونة تفتح ملف التلوث البيئي
والمحاولة الثانية ظهرت بوادرها في قمة تونس الأخيرة للمعلوماتية، إذ كان هناك اتجاه لإيجاد نوع من الاتفاق الطوعي بين المدونين على مجموعة من القواعد التي تنظم عملهم، بمعنى ألا يكون هناك تدخل من الدولة أو من سلطة دولية على عمل المدونين أو على النشر الالكتروني.

الجريمة واحدة

ويري الدكتور أحمد عبد الونيس أستاذ القانون بجامعة القاهرة أن القانون لا يقيم أهمية – من حيث التجريم – بين الوسائل التي يمكن أن تتحقق بها الجريمة "السب والقذف ، الاهانة ، نشر أخبار كاذبة .." لأن جميع الوسائل الاعلامية التي تستخدم حتى ولو كانت جديدة لا تخلق جرائم اعلامية جديدة، فلا فرق بين من يستخدم الأوراق في إعلان الفكرة الممقوتة وبين من يستخدم الإعلام الالكتروني لبث هذه الفكرة، فيظل الفعل مجرما وتطبق عليه نفس نصوص التجريم ، فالوسيلة المستعملة في الاعتداء ليست من أركان الجريمة.

نقلا عن شبكه الاخبار العربيه اضغط هنا

تاريخ التحديث :- توقيت جرينتش : الثلاثاء , 24 - 6 - 2008 الساعة : 1:16 مساءً توقيت مكة المكرمة : الثلاثاء , 24 - 6 - 2008 الساعة : 4:16 مساءً

0 علق على الموضوع:

إرسال تعليق

 

انضم للحقيقةالمصرية‏ عالفيسبوك